بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
بحب بلدى(مصطفى الشربينى)
التبادل الاعلاني
للتبادل الاعلانى يرجى ترك رساله او الاتصال على الرقم التالى01501828730
الاداره:-مصطفى الشربينى
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
سامى امين - 3391 | ||||
Admin - 304 | ||||
ahmed nazeih - 68 | ||||
د احمدحسن - 49 | ||||
محمد سمير - 44 | ||||
عادل مصلحى - 40 | ||||
خالد الملاح - 39 | ||||
منتصر - 27 | ||||
احمد محمد سعيد جاد - 26 | ||||
هيثم كمال1 - 24 |
مقالات الصحفى مصطفى الشربينى
مقالات الكاتب الصحفى مصطفى الشربينى
حصريا على موقع ميت الفرماوى
mostafaahmedelsherbiny@yahoo.comمنقذ مصر. بدر الجمالى
صفحة 1 من اصل 1
12022017
منقذ مصر. بدر الجمالى
يوليو 2013
1
منقذ مصر. بدر الجمالى المصدر: ديوان الأهرام بقلم: احمد عبد الستار
أحمد عبدالستار
> >>
الدولة الفاطمية نموذج منفرد فى التاريخ الإسلامى لم يتكرر على الإطلاق، فقد كانت دولة ذات طابع دينى فلسفى وحضارة متميزة، أرادت بسط نفوذها على العالم الإسلامى المعاصر. وجاء الفتح الفاطمى لمصر سنة 358هـ - 969م ممثلا المرحلة قبل الأخيرة فى سبيل تحقيق هدفهم البعيد ألا وهو أن يحلوا محل دولة الخلافة العباسية كحكام وحيدين للعالم الإسلامى.
ولم يكن للجيش الفاطمى أى دور يذكر، فهذا الجيش لم يختبر على الإطلاق بعد فتح مصر، كما وأنه تعرض لانكسارات كثيرة عندما واجه جيوشا أكثر تنظيما منه كجيوش الحملة الصليبية الأولى سنة 492هـ - 1099م. وإذا كانت الدولة الفاطمية دولة ثيوقراطية ذات أيديولوجية خاصة وكان هدفها بسط نفوذها وسيادتها على كل الأراضى الإسلامية، فقامت على أساس ادعاء اتصال نسب أصحابها إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - عن طريق السيدة فاطمة والإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه. ويتصف تاريخ الحركة الإسماعيلية طوال الأعوام المائة الأولى التى أعقبت وفاة الإمام جعفر الصادق سنة 148هـ - 765م بالغموض، واعتمدت الحركة على نشاط مكثف للدعاة السريين انتشروا فى أرجاء العالم الإسلامى يدعون إلى قرب ظهور الإمام المهدي. لكن بدء من النصف الثانى للقرن الثالث الهجري - التاسع الميلادى بعد دخول الإمام محمد بن الحسن العسكرى آخر الأئمة الإثنى عشرية سنة 255هـ - 869م، صارت الحركة الإسماعيلية الجناح الثورى الأكبر أهمية للشيعة، وظهرت كحركة ديناميكية ومنظمة مركزية اكتسبت سريعا شهرة فاقت بكثير أية حركة شيعية أخرى فى هذه الفترة.
وفى السنوات الأخيرة للقرن الثالث الهجرى نجحت الحركة الإسماعيلية فى إقامة دولة قوية فى أفريقيا هى (الخلافة الفاطمية) والتى هددت لفترة أكثر من مائتى عام وضع العديد من الأسرات الحاكمة فى العالم الإسلامى، كما اعتبر أئمتهم الخلفاء العباسيين مغتصبين لحقهم الشرعى فى حكم الأمصار الإسلامية. وجاء انتصار العباسيين سريعا وحاسما واستقروا فى الحكم طوال خمسمائة عام، كان هدفهم الوحيد خلالها إرساء دعائم المذهب الإسماعيلى والإمامة الفاطمية فى كل العالم الإسلامى. ولم تكن إفريقيا لتفى بغرض الفاطميين وتحقق أحلامهم، فقد كانت أنظارهم تتجه دائما إلى الشرق، ولجأوا فى سبيل ذلك الى الدعاية السياسية ضد العباسيين والأمويين على السواء، ونشطت هذه الدعاية فى أيام المعز لدين الله.
والأعوام المائة الأولى من التاريخ الفاطمى فى مصر استهلوها بإنشاء العاصمة الجديدة القاهرة، ولم يحاولوا اتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق حلمهم فى حكم العالم الإسلامى وتكوين الامبراطورية العالمية التى حلموا بها، بل أن أئمتهم شغلوا أنفسهم بمشاكل عقائدية وطموحات شخصية خاصة فى عهد الحاكم بأمرالله. كما أن النصف الأول من حكم الخليفة المستنصر بالله الطويل شهد أسوأ أزمة اقتصادية عرفتها مصر فى العصور الوسطى ألا وهى المجاعة التى ضربت مصر كلها وأطلق عليها المصريون (الشدة المستنصرية)، بالإضافة إلى فوضى إدارية شاملة وحروب أهلية هددت الأمن والاستقرار الذى عرفته مصر فى العقود الأولى للقرن الخامس هـ الحادى عشر م، وتطلبت الاستعانة بقائد عسكرى قادر على حفظ الأمن واعادة النظام.
ومع ذلك فقد ظل الفاطميون لفترة غير قصيرة، خلال النصف الأول للقرن الخامس - الحادى عشر الميلادى، أكبر قوة فى العالم الإسلامى، فقد وصلت الامبراطورية الفاطمية فى أوائل حكم المستنصر الى أقصى اتساع لرقعتها، فكانت تضم مصر والشام وشمال إفريقيا وصقلية والشاطئ الإفريقى للبحر الأحمر والحجاز، بما فيه مكة والمدينة واليمن وعمان والبحرين والسند، وإن كان القسم الأكبر من هذا التوسع قد تم عن طريق الدعاة ولم يكن للقوات الفاطمية أى دور فيه، ولكن الدولة الفاطمية سرعان ما هوت بعد ذلك، فعند موت الخليفة المستنصر سنة 487هـ - 904م كانت الدعوة الإسماعيلية قد تمزقت الى أشلاء.
المنقذ الجمالى
لم يكن إنقاذ البلاد من هذه الأزمات المتتالية ممكنا دون الاستعانة بقوة عسكرية قادرة على فرض النظام واستتباب الأمن وحماية الخلافة نفسها، وإنهاء حالة الفوضى التى انتشرت فيها، حتى فقد الخليفة كل سيطرته عليها وتقليص نفوذه الذى انحصر داخل قصره، بينما تقاسمت فرق الجند أقاليم الدولة، فاستولى اللواتيون والملحية على البحيرة والاسكندرية، واستقر الصعيد فى أيدى المغاربة والسودانيين، بينما تحكم الأتراك فى القاهرة والفسطاط.
وقد عقد الخليفة المستنصر الأمل لاستعادة هيبة حكم الفاطميين على قائد أرمينى كان يتولى حكم إمارة عكا فى ذلك الوقت، يعرف ببدر الجمالى فكاتبه سرا عن طريق الوزير أبى الفرج محمد بن جعفر وهو متولى ديوان الانشاء، يطلب إليه القدوم لإصلاح حال البلاد. ورحب بدر بهذه الدعوة التى تحقق له طموحاته، وكتب إلى الخليفة المستنصر مشترطا عليه أن يهبط مصر مصحوبا برجاله، وأنه لن يبقى على أحد من عساكر مصر، فوافقه المستنصر على ما طلب.
بدأ بدر الجمالى إصلاحاته فى مصر بتدبير مؤامرة شبيهة بمذبحة القلعة - التى دبرها محمد على بعد ذلك بنحو سبعمائة عام ليتخلص من المماليك - قضى فيها الجمالى على رءوس الفتنة فى مصر وقتل رجال الدولة وأقام له جندا وعسكر من الأرمن، فصار سواد الجيش من الأرمن، وصاروا من جملة الرعية بعدما كانوا وجوه الدولة وأكابر أهلها، فقلده المستنصر الوزارة ومنحه لقب (السيد الأجل أمير الجيوش).
وكان أهم مايشغل بدر هو استتباب الأمن فى كل الأراضى المصرية فتوجه أولا إلى الوجه البحرى والإسكندرية، حيث قاتل قبائل لواتة والملحية واسترد ماكان من الأعمال بأيديهم، ثم توجه إلى الصعيد حيث قاتل قبائل الجهينيين والقيسيين وفلول السودان المستولية عليه، فأعاد للبلاد وحدتها وأمنها وللدولة قوتها.وفى العام نفسه 467هـ - 1074م أعاد خطبة الفاطميين بمكة والمدينة بعد أن انقطعت لخمس سنوات، ولكن اعتبارا من عام 473هـ - 1081م خضعت مكة لنفوذ السلاجقة وقطعت خطبة الفاطميين منها نهائيا وأصبحت تقام فقط للخليفة العباسى.
كذلك أطلق بدر الجمالى الخراج للمزارعين ثلاث سنوات حتى ارتفعت أحوال الفلاحين. وقد حاول السلاجقة أن يستولوا على أعمال الريف سنة 469هـ - 1076م منتهزين فرصة انشغال بدر بمحاربة فلول السودان فى الصعيد. فوصل أتسزبزا الى مدينة صهرجت باقليم الشرقية، لكن بدر الجمالى تمكن من جمع قواته ومنازلته وقتل عددا كبيرا من جنوده وأرغمه على العودة إلى الشام.
أمير الجيوش. رب السيف
حفظ الخليفة المستنصر بالله لبدر الجمالى فضله على الدولة والخلافة، فلم يخل سجل من السجلات التى أرسلها المستنصر لدعاته فى اليمن والمكتوبة بعد سنة 467هـ - 1074م من التنويه والإشادة بفضله على الدولة، فنجده يصفه فيها بأنه الذى أعاد الى الدولة العلوية ريق شبابها والذى جدد الله تعالى به وعلى يده معالم الدولة الفاطمية بعد نكوصها، وأقام بسيفه أعلامها بعد طموسها وبأنه الآية التى أطلع الله بها لأمير المؤمنين شمس الخلافة فشرقت، الموهبة التى وهبها لدولته وللإسلام فظهرت وأشرقت، والسيف الذى انتضاه على جموع الباطل فزهقت وتمزقت. حتى أصبحت المملكة بلطف الله محفوظة النظام، وبماضى عزم وبوصول بدر الجمالى إلى قمة السلطة فى مصر سنة 467هـ - 1074م بدأت مرحلة جديدة فى تاريخ الدولة الفاطمية، وأصبح "أمير الجيوش" وهو اللقب الذى اتخذه وزراء التفويض أرباب السيوف وهو السيد الحقيقى لمصر، وأصبح الخلفاء الفاطميون مجرد رؤساء صوريين لسلسلة متتابعة من الطغاة العسكريين، مثلما أضحى الخلفاء العباسيون فى بغداد بمثابة دمى عاجزة فى أيدى حماتهم من البويهيين والسلاجقة، فمنذ عهد الحاكم بأمر الله - الذى اتسمت سياسته بالاستبداد - لم يحاول أى خليفة أن تكون له سلطة مباشرة فى شئون الدولة.
ووصف وقته بأنه عصر تحكم فيه الوزراء أرباب السيوف، وصار وزير السيف هو سلطان مصر وصاحب الحل والعقد، وإليه الحكم فى كل من الأمراء والأجناد والقضاة والكتاب وسائر الرعية، وهو الذى يولى أرباب المناصب الديوانية والدينية وفقدت فيه الدعوة فى الوقت نفسه الكثير من قوتها، وأصبح هم الوزراء أصحاب السيوف الحفاظ على بقاء الدولة واستمرارها فيما اصطلح على تسيمته (عصر نفوذ الوزراء).
مصر أربع ولايات
لعل أهم إنجازات بدر الجمالى فى فترة حكمه مصر بناؤه سور القاهرة وإعادة تحصينه، وكذلك بقية منشآته الدينية والمدنية سواء فى القاهرة أو الإسكندرية والصعيد، ناهيك عن الإصلاحات الإدارية العديدة التى أدخلها على نظام الحكم فى مصر.فقد عين عواصم الولايات التى تتحكم فى مصر العليا والسفلى لتأمين الطرق المؤدية الى عاصمة البلاد، إلى جانب إنشاء العديد من التحصينات المتقدمة التى تصد ما يمكن أن تتعرض له البلاد من أخطار.
فتم تقسيم مصر إلى أربع ولايات رئيسية هى قوص والشرقية والغربية والإسكندرية بالإضافة إلى القاهرة والفسطاط، وقد حفظ هذا النظام الجديد لحكام هذه الولايات سلطة متزايدة. وكان والى قوص أقوى الولاة الأربعة ويحكم جميع بلاد الصعيد، وتلى رتبته رتبة الوزير فى الأهمية، ويرجع ذلك إلى مدى اهتمام الفاطميين بطرق التجارة الشرقية، ورغبتهم فى نشر دعوتهم على طول الطرق التجارية المؤدية الى اليمن وعمان والهند، وحرصهم على تأمين ميناء عيذاب - القاعدة البحرية التى أخذت فى النمو منذ أن اتبع الفاطميون استراتيجية شرقية. وتولى والى قوص أمر الإشراف على الأسطول المعد بها لحماية (مراكب الأمير الكارم) من غارات القراصنة.
وإذا كانت الدولة الفاطمية دولة ثيوقراطية ذات أيديولوجية خاصة، كان هدفها بسط نفوذها وسيادتها على الأراضى الإسلامية، فمع ذلك لا نجد واحدا من خلفائهم أدى فريضة الحج رغم حرصهم الشديد على الدعوة لهم على منابر مكة والمدينة، وإنما وجهوا اهتمامهم إلى إحياء بعض المظاهر الإسلامية بفخامة وبذخ داخل عاصمة ملكهم.
1
منقذ مصر. بدر الجمالى المصدر: ديوان الأهرام بقلم: احمد عبد الستار
أحمد عبدالستار
> >>
الدولة الفاطمية نموذج منفرد فى التاريخ الإسلامى لم يتكرر على الإطلاق، فقد كانت دولة ذات طابع دينى فلسفى وحضارة متميزة، أرادت بسط نفوذها على العالم الإسلامى المعاصر. وجاء الفتح الفاطمى لمصر سنة 358هـ - 969م ممثلا المرحلة قبل الأخيرة فى سبيل تحقيق هدفهم البعيد ألا وهو أن يحلوا محل دولة الخلافة العباسية كحكام وحيدين للعالم الإسلامى.
ولم يكن للجيش الفاطمى أى دور يذكر، فهذا الجيش لم يختبر على الإطلاق بعد فتح مصر، كما وأنه تعرض لانكسارات كثيرة عندما واجه جيوشا أكثر تنظيما منه كجيوش الحملة الصليبية الأولى سنة 492هـ - 1099م. وإذا كانت الدولة الفاطمية دولة ثيوقراطية ذات أيديولوجية خاصة وكان هدفها بسط نفوذها وسيادتها على كل الأراضى الإسلامية، فقامت على أساس ادعاء اتصال نسب أصحابها إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - عن طريق السيدة فاطمة والإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه. ويتصف تاريخ الحركة الإسماعيلية طوال الأعوام المائة الأولى التى أعقبت وفاة الإمام جعفر الصادق سنة 148هـ - 765م بالغموض، واعتمدت الحركة على نشاط مكثف للدعاة السريين انتشروا فى أرجاء العالم الإسلامى يدعون إلى قرب ظهور الإمام المهدي. لكن بدء من النصف الثانى للقرن الثالث الهجري - التاسع الميلادى بعد دخول الإمام محمد بن الحسن العسكرى آخر الأئمة الإثنى عشرية سنة 255هـ - 869م، صارت الحركة الإسماعيلية الجناح الثورى الأكبر أهمية للشيعة، وظهرت كحركة ديناميكية ومنظمة مركزية اكتسبت سريعا شهرة فاقت بكثير أية حركة شيعية أخرى فى هذه الفترة.
وفى السنوات الأخيرة للقرن الثالث الهجرى نجحت الحركة الإسماعيلية فى إقامة دولة قوية فى أفريقيا هى (الخلافة الفاطمية) والتى هددت لفترة أكثر من مائتى عام وضع العديد من الأسرات الحاكمة فى العالم الإسلامى، كما اعتبر أئمتهم الخلفاء العباسيين مغتصبين لحقهم الشرعى فى حكم الأمصار الإسلامية. وجاء انتصار العباسيين سريعا وحاسما واستقروا فى الحكم طوال خمسمائة عام، كان هدفهم الوحيد خلالها إرساء دعائم المذهب الإسماعيلى والإمامة الفاطمية فى كل العالم الإسلامى. ولم تكن إفريقيا لتفى بغرض الفاطميين وتحقق أحلامهم، فقد كانت أنظارهم تتجه دائما إلى الشرق، ولجأوا فى سبيل ذلك الى الدعاية السياسية ضد العباسيين والأمويين على السواء، ونشطت هذه الدعاية فى أيام المعز لدين الله.
والأعوام المائة الأولى من التاريخ الفاطمى فى مصر استهلوها بإنشاء العاصمة الجديدة القاهرة، ولم يحاولوا اتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق حلمهم فى حكم العالم الإسلامى وتكوين الامبراطورية العالمية التى حلموا بها، بل أن أئمتهم شغلوا أنفسهم بمشاكل عقائدية وطموحات شخصية خاصة فى عهد الحاكم بأمرالله. كما أن النصف الأول من حكم الخليفة المستنصر بالله الطويل شهد أسوأ أزمة اقتصادية عرفتها مصر فى العصور الوسطى ألا وهى المجاعة التى ضربت مصر كلها وأطلق عليها المصريون (الشدة المستنصرية)، بالإضافة إلى فوضى إدارية شاملة وحروب أهلية هددت الأمن والاستقرار الذى عرفته مصر فى العقود الأولى للقرن الخامس هـ الحادى عشر م، وتطلبت الاستعانة بقائد عسكرى قادر على حفظ الأمن واعادة النظام.
ومع ذلك فقد ظل الفاطميون لفترة غير قصيرة، خلال النصف الأول للقرن الخامس - الحادى عشر الميلادى، أكبر قوة فى العالم الإسلامى، فقد وصلت الامبراطورية الفاطمية فى أوائل حكم المستنصر الى أقصى اتساع لرقعتها، فكانت تضم مصر والشام وشمال إفريقيا وصقلية والشاطئ الإفريقى للبحر الأحمر والحجاز، بما فيه مكة والمدينة واليمن وعمان والبحرين والسند، وإن كان القسم الأكبر من هذا التوسع قد تم عن طريق الدعاة ولم يكن للقوات الفاطمية أى دور فيه، ولكن الدولة الفاطمية سرعان ما هوت بعد ذلك، فعند موت الخليفة المستنصر سنة 487هـ - 904م كانت الدعوة الإسماعيلية قد تمزقت الى أشلاء.
المنقذ الجمالى
لم يكن إنقاذ البلاد من هذه الأزمات المتتالية ممكنا دون الاستعانة بقوة عسكرية قادرة على فرض النظام واستتباب الأمن وحماية الخلافة نفسها، وإنهاء حالة الفوضى التى انتشرت فيها، حتى فقد الخليفة كل سيطرته عليها وتقليص نفوذه الذى انحصر داخل قصره، بينما تقاسمت فرق الجند أقاليم الدولة، فاستولى اللواتيون والملحية على البحيرة والاسكندرية، واستقر الصعيد فى أيدى المغاربة والسودانيين، بينما تحكم الأتراك فى القاهرة والفسطاط.
وقد عقد الخليفة المستنصر الأمل لاستعادة هيبة حكم الفاطميين على قائد أرمينى كان يتولى حكم إمارة عكا فى ذلك الوقت، يعرف ببدر الجمالى فكاتبه سرا عن طريق الوزير أبى الفرج محمد بن جعفر وهو متولى ديوان الانشاء، يطلب إليه القدوم لإصلاح حال البلاد. ورحب بدر بهذه الدعوة التى تحقق له طموحاته، وكتب إلى الخليفة المستنصر مشترطا عليه أن يهبط مصر مصحوبا برجاله، وأنه لن يبقى على أحد من عساكر مصر، فوافقه المستنصر على ما طلب.
بدأ بدر الجمالى إصلاحاته فى مصر بتدبير مؤامرة شبيهة بمذبحة القلعة - التى دبرها محمد على بعد ذلك بنحو سبعمائة عام ليتخلص من المماليك - قضى فيها الجمالى على رءوس الفتنة فى مصر وقتل رجال الدولة وأقام له جندا وعسكر من الأرمن، فصار سواد الجيش من الأرمن، وصاروا من جملة الرعية بعدما كانوا وجوه الدولة وأكابر أهلها، فقلده المستنصر الوزارة ومنحه لقب (السيد الأجل أمير الجيوش).
وكان أهم مايشغل بدر هو استتباب الأمن فى كل الأراضى المصرية فتوجه أولا إلى الوجه البحرى والإسكندرية، حيث قاتل قبائل لواتة والملحية واسترد ماكان من الأعمال بأيديهم، ثم توجه إلى الصعيد حيث قاتل قبائل الجهينيين والقيسيين وفلول السودان المستولية عليه، فأعاد للبلاد وحدتها وأمنها وللدولة قوتها.وفى العام نفسه 467هـ - 1074م أعاد خطبة الفاطميين بمكة والمدينة بعد أن انقطعت لخمس سنوات، ولكن اعتبارا من عام 473هـ - 1081م خضعت مكة لنفوذ السلاجقة وقطعت خطبة الفاطميين منها نهائيا وأصبحت تقام فقط للخليفة العباسى.
كذلك أطلق بدر الجمالى الخراج للمزارعين ثلاث سنوات حتى ارتفعت أحوال الفلاحين. وقد حاول السلاجقة أن يستولوا على أعمال الريف سنة 469هـ - 1076م منتهزين فرصة انشغال بدر بمحاربة فلول السودان فى الصعيد. فوصل أتسزبزا الى مدينة صهرجت باقليم الشرقية، لكن بدر الجمالى تمكن من جمع قواته ومنازلته وقتل عددا كبيرا من جنوده وأرغمه على العودة إلى الشام.
أمير الجيوش. رب السيف
حفظ الخليفة المستنصر بالله لبدر الجمالى فضله على الدولة والخلافة، فلم يخل سجل من السجلات التى أرسلها المستنصر لدعاته فى اليمن والمكتوبة بعد سنة 467هـ - 1074م من التنويه والإشادة بفضله على الدولة، فنجده يصفه فيها بأنه الذى أعاد الى الدولة العلوية ريق شبابها والذى جدد الله تعالى به وعلى يده معالم الدولة الفاطمية بعد نكوصها، وأقام بسيفه أعلامها بعد طموسها وبأنه الآية التى أطلع الله بها لأمير المؤمنين شمس الخلافة فشرقت، الموهبة التى وهبها لدولته وللإسلام فظهرت وأشرقت، والسيف الذى انتضاه على جموع الباطل فزهقت وتمزقت. حتى أصبحت المملكة بلطف الله محفوظة النظام، وبماضى عزم وبوصول بدر الجمالى إلى قمة السلطة فى مصر سنة 467هـ - 1074م بدأت مرحلة جديدة فى تاريخ الدولة الفاطمية، وأصبح "أمير الجيوش" وهو اللقب الذى اتخذه وزراء التفويض أرباب السيوف وهو السيد الحقيقى لمصر، وأصبح الخلفاء الفاطميون مجرد رؤساء صوريين لسلسلة متتابعة من الطغاة العسكريين، مثلما أضحى الخلفاء العباسيون فى بغداد بمثابة دمى عاجزة فى أيدى حماتهم من البويهيين والسلاجقة، فمنذ عهد الحاكم بأمر الله - الذى اتسمت سياسته بالاستبداد - لم يحاول أى خليفة أن تكون له سلطة مباشرة فى شئون الدولة.
ووصف وقته بأنه عصر تحكم فيه الوزراء أرباب السيوف، وصار وزير السيف هو سلطان مصر وصاحب الحل والعقد، وإليه الحكم فى كل من الأمراء والأجناد والقضاة والكتاب وسائر الرعية، وهو الذى يولى أرباب المناصب الديوانية والدينية وفقدت فيه الدعوة فى الوقت نفسه الكثير من قوتها، وأصبح هم الوزراء أصحاب السيوف الحفاظ على بقاء الدولة واستمرارها فيما اصطلح على تسيمته (عصر نفوذ الوزراء).
مصر أربع ولايات
لعل أهم إنجازات بدر الجمالى فى فترة حكمه مصر بناؤه سور القاهرة وإعادة تحصينه، وكذلك بقية منشآته الدينية والمدنية سواء فى القاهرة أو الإسكندرية والصعيد، ناهيك عن الإصلاحات الإدارية العديدة التى أدخلها على نظام الحكم فى مصر.فقد عين عواصم الولايات التى تتحكم فى مصر العليا والسفلى لتأمين الطرق المؤدية الى عاصمة البلاد، إلى جانب إنشاء العديد من التحصينات المتقدمة التى تصد ما يمكن أن تتعرض له البلاد من أخطار.
فتم تقسيم مصر إلى أربع ولايات رئيسية هى قوص والشرقية والغربية والإسكندرية بالإضافة إلى القاهرة والفسطاط، وقد حفظ هذا النظام الجديد لحكام هذه الولايات سلطة متزايدة. وكان والى قوص أقوى الولاة الأربعة ويحكم جميع بلاد الصعيد، وتلى رتبته رتبة الوزير فى الأهمية، ويرجع ذلك إلى مدى اهتمام الفاطميين بطرق التجارة الشرقية، ورغبتهم فى نشر دعوتهم على طول الطرق التجارية المؤدية الى اليمن وعمان والهند، وحرصهم على تأمين ميناء عيذاب - القاعدة البحرية التى أخذت فى النمو منذ أن اتبع الفاطميون استراتيجية شرقية. وتولى والى قوص أمر الإشراف على الأسطول المعد بها لحماية (مراكب الأمير الكارم) من غارات القراصنة.
وإذا كانت الدولة الفاطمية دولة ثيوقراطية ذات أيديولوجية خاصة، كان هدفها بسط نفوذها وسيادتها على الأراضى الإسلامية، فمع ذلك لا نجد واحدا من خلفائهم أدى فريضة الحج رغم حرصهم الشديد على الدعوة لهم على منابر مكة والمدينة، وإنما وجهوا اهتمامهم إلى إحياء بعض المظاهر الإسلامية بفخامة وبذخ داخل عاصمة ملكهم.
سامى امين- مدير عام موقع ميت الفرماوى
- عدد المساهمات : 3391
نقاط : 24910
السٌّمعَة : 23
تاريخ التسجيل : 21/11/2010
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 22 فبراير - 20:41 من طرف سامى امين
» حدث فى قرية البوها 22- 2- 202
الثلاثاء 22 فبراير - 20:30 من طرف سامى امين
» السادة نواب مجلس الشعب
الأربعاء 16 فبراير - 20:08 من طرف سامى امين
» المركز الاعلامى للنائبة المهندسة ميرفت عازر نصرالله
الأربعاء 9 فبراير - 19:28 من طرف سامى امين
» الكابتن عمرو عباده جاد وكيل البحث الجنائى بجنوب الدقهليه ابن ميت الفرماوى
الخميس 3 فبراير - 19:35 من طرف سامى امين
» الملك سعود
الثلاثاء 1 فبراير - 20:22 من طرف سامى امين
» بعشرة_جنية_هنطورها
الإثنين 31 يناير - 19:23 من طرف سامى امين
» بناء المساجد وإعمارها
الإثنين 31 يناير - 19:21 من طرف سامى امين
» ميت الفرماوي كوميكس
الإثنين 31 يناير - 19:20 من طرف سامى امين
» ممكن تبيع سنين .
الثلاثاء 25 يناير - 19:58 من طرف سامى امين